إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 29 يونيو 2009

أقزام البيت الكبير ؟!

أقزام البيت الكبير ؟!
قصة قصيرة
كتبها : أحمد كمال
سعادتي اليوم ليس لها حدود ، فأنا أحمل رسالة خطيرة ، إلى الرجل الأسير ، في البيت الكبير .
واليوم أيضاً نهاية دوامي في مهنة ساعي البريد .
منذ عشرات السنين وأنا أنظر بلهفة لهذا البيت الكبير ، من فوق جبل ساحق ، شهيق ، أو من فوق برج عاجي ، معزول ، وفي كل مرة أراه بشكل جديد .
ويبقى الثابت فيه، بيت كبير ، كبير ، واسع ، فسيح ، له شرفات أربعة ، ويتوسطه مسبح أحمر طويل ، طويل .
وها أنا ذا بعد مشقة الطريق ، أتأقزم تحت أسوار البيت الكبير ، ويتفصد جسدي عرقاً غزير ، وألتقط أنفاسي من الجهد تارة ، والرهبة تارات ، فيا ترى ماذا وراء أسوار البيت الكبير ؟! وكيف يكون الرجل الأسير ؟!
رحت أتلفت ذات اليسار ، وذات اليمين ، عسى أن أجد مدخلاً لهذا البيت الكبير ، بلا جدوى كنت أبحث ، ففكرت أن أتسلق الأسوار كأنني لا زلت شاب صغير !! فرنوت بطرف عيني ثم تابعت بعينين متلهفتين ، وإذا برقبتي ترفع رأسي لأعلى ، ثم لأعلى ، حتى فقدت توازني وطحت على الأرض وأنا أصرخ ، أصيح ، وأضحك ، أقهقه على نفسي ، وأنا أفكر في تسلق سور لا أرى نهايته !!
جلست على الأرض وقد نال التراب من سترتي ، والجهد من جسدي ، واليأس يكاد يملأ قلبي ، أين المدخل لهذا البيت الكبير ؟! ولماذا لهذه الدرجة هو حصن ، حصين ؟! وعدت أشحذ عزيمتي ، وأتطلع للتجول في ساحات وغرف البيت الكبير ، وأنظر للعالم من شرفاته الأربعة ، وأسبح في الحمام المرجاني الأحمر الطويل !! فإنتابتني ثورة ، وقمت ، ركضت ، وأنا أتقافز كطفل صغير ، نحو سور البيت الكبير ، ولما دنوت منه بقيت راكضاً ، كأني أسعى لإصطدام رهيب !! وتعالت ضحكاتي مجلجلة ، بهذا الجسد الهزيل ! سأقض أسوار البيت الكبير ؟!
تلامس كتفي الضعيف ، بأحجار الأسوار ، فتزلزلت الأرض ، وإهتز السور ، راح يترنح ، وجاء يتأرجح ، حتى دك السور ، وهوى من حيث لم أرى ، حتى صار ركامه تحت قدمي ، وإنكشفت عورة البيت الكبير ، صحن فسيح ، فسيح ، وزحام كثيف ، كثيف ، وإذا بأقزام يحتشدون ، ومن حولي يلتفون ، يعتمرون قبعات حديدية ملونة ، ويحتمون بدروع زجاجية مبلورة ، ويضربون الأرض ضرباً مزلزلا، ويطلقون صيحات مجلجلة ، فجثوت على ركبتي رافعاً يدي فوق رأسي مستسلماً ، ومتوسلاً ، فلما جثوت إنسحبواً ؟! كتمت ضحكاتي التي تتدافع من أعماق أعماقي ، ودهشتي التي ملأتني حتى كدت أنفجر منها ، أهذا هو البيت الكبير ؟! وهذه الأقزام من تسكنه ؟! ياله من شيء عجيب ! عجيب .
وقفت وغطرسة القوة تملأني ، وغرور العمالقة تملكني ، فرحت أتقدم في ردهات الييت الكبير ، وأنا أستبيح كل ما تقع عليه عيني ، أو تلمسه يدي ، وأنا أنادي ، أصرخ ، أصيح :
_ أين أنت أيها الرجل الأسير ؟! يا ساكن الوهم الكبير !!
وإذا بمئات الأقزام تحتشد من جديد ، وتلتف من حولي ، وتلقي علي شباك من حديد ، من ثقلها رحت أهوى حتى جثوت على ركبتي ، ثم إستويت والأرض ، وصار وجهي مسحوق ، ذليل ، فدنا من وجهي نعل حذاء غليظ ، رفعه منتعله على خدي ، وراح بلا رحمة يدهسني كأني له عدو منذ ملايين السنين . وبلا وعي رحت أصرخ ، وأتوسل له أن يرحمني ، وتترائى أمام عيني أجساد معلقة كذبائح على أسوار البيت الكبير ، وأخرى مطاردة في فضاء أضيق من حبل الوريد ، وتزاحمت على أذني صيحات مجلجلة ، وأخرى متألمة ، حتى لم أعد أفرق بينهما ؟! وآخرون بالسياط يجلدون ، وبالنار يكتوون ، وفي الزوايا أجساد فحمتها صواعق الكهرباء ، وحرائر عاريات لم يتبق من أجسادهن إلا العظام ، وفي السراديب عبر أنفاق الظلام ، آلاف ترقد بدون سلام ، فصحت غاضباً في ذلك الحذاء ، وأنا أسأله :
- من هؤلاء ؟!
فرد مستغرباً بصوت خشن فيه من القسوة ما تشاء :
- هؤلاء هم أعداء الزعيم ؟!!
فأسرعت مستفسراً :
- الرجل الأسير ؟
فرد مزمجراً:
- جلالة الملك ، سمو الأمير ، فخامة الرئيس ؟!
فصحت فيه وأنا غاضباً :
- إني احمل رسالة عاجلة للرجل الأسير .
فضحك ضحكة ليس بها من الضحك إلا الرنين وقال في سخرية :
- تقصد العملاق الأخير ؟!
فأشرت بيدي أن نعم ، ووجدت نفسي أجر من قدمي مهين ، ذليل ، عبر طرقات واسعة ، والأقزام تتأملني كأنني شيء غريب ، أقزام متصارعة ، وأخرى محتلة ، وأخيرة لاجئة وما من مغيث ، ورحت أرقب من بعيد ، بعيد ، وجوه اليأس تملكها ، وعيون الرعب أفزعها ، وأبت إلا أن تخترق أذني بلا رحمة ، أنات ، وآهات ، ونحيب ، لم تكن من البشر ، بل من الأرض ، والأحجار ، والسنين ؟!
وتوقفت الأحذية ، وراحت تفك أوصادي ، وأنا في حالة بالية ، أستحي من نفسي ، ولا أكاد اصدق ما حل بي من مجموعة أحذية ؟! حتى تنحنح صوت ينبهني ، ملأ قلبي بالطمأنينة ، وأشعرني أنني باق في دنيا جميلة :
- مرحباً يا ساعي البريد ؟!
سمعت هذا كترتيل الترانيم ، وتذكرت إنني لا زلت ساعي البريد ، وسأبقى كذلك ، سأبقى حتى لا يعد في الدنيا وليد !! ولكني أجهشت في بكاء شديد ، شديد ، وفاضت من عيني أنهاراً ، تكفي لتفيض أنهار البيت الكبير ، وضحكت في الوقت نفسه ، ضحكات مجلجلة ، رنانة ، وأخذت أهز أكتافي وأقهقه ، من فرحة لقائي بالرجل الأسير ، ربت على كتفي بيده وأمسك بي ، وجذبني لأعلى ، وأنا بجسدي أستجيب ، ولا زلت أجهش في بكائي ، ولا يزال يهزني ضحك مميت ، حتى أدارني إليه ، ولامست أطراف أنامله لحيتي التي مرغت في تراب الوهم الكبير ، ورفع رأسي وأنا لا زلت أجهش في بكائي ، ويهزني ضحك مميت ، ومن بين غرورقت الدموع ، لمحت نوراً ، منبعث من وجه آسر ، بريء من كل الذنوب ، فرحت أكبح جماح بكائي ، وأضع اصابعي على شفتي لأمنع ضحكاتي ، حتى توقفت تماماً ، فمد يده إلي مصافحاً وهو يكرر :
- مرحباً يا ساعي البريد
فنظرت في الأرض على إستحياء وقلت بصوت المنكسر الذليل :
- هذا ما تبقى مني يا سيدي ! فأنا حطام ساعي البريد !
فعاد ورفع رأسي لأعلى قائلاً :
- لا تقل هذا فلك العمر المديد !! وإن لي عندك رسالة فهل بقيت ، أم سحقت تحت نعالهم ؟!
فرحت أفتش في كل أركاني ، ووجه يكسوه فزع كبير ، حتى لامستها مندسة بين آلام قلبي ، وأحزان صدري ، فصحت وأنا أمسكها وأعطها له :
- وجدتها يا سيدي ، الرسائل لا تضيع ، يضيع من يحملها !!
فتح الظرف ، أمسك بالخطاب ، ورقة حمراء ، يسكنها حبر أخضر وهاج ، ويحدها خطوط صفراء ، وحمراء ، وبيضاء ، مرسوم فيها صقور ، ونسور ، وغربان ، وتيجان ، وخناجر ، وسيوف ، ونخل ، وزيتون ، ورمان ، وليمون ، وبرتقال ، وأخذ يتمتم قائلاً :
- ولد الأمل من رحم اليأس ، والبؤس ، والحرمان ؟!
إنتهى

الأربعاء، 17 يونيو 2009

أصعب دموع - قصة قصيرة

أصعب دموع
قصة قصيرة
كتبها : أحمد كمال
أعمل في هذا المتنزة منذ سنوات ، وهي تأتي على كرسيها المتحرك من قبل أن أعمل ، يدفعها سائق متأنق ، يأتي بها في الصباح ، ويعود بها في المساء ، بقيت لسنوات وأنا أراقبها ، تجلس أمام البحر وتنظر إليه ، كأنها تحدثه ويحدثها ، وفي يدها كتاب لا يغادر كفيها الرقيقين ، داهمني الفضول ، ولما إحتلني قررت في هذا اليوم أن أقتحم خلوتها ، وأتعرف عليها ، وأكشف سر هذا الكتاب الذي بين كفيها ، إقتربت وأنا أرتعش ، فجمالها أخاذ ، وجاذبيتها ساحرة ، وكلما إقتربت تداعى إلى أنفي رائحة عطر لم أشتمه من قبل ، وقفت خلفها في خشوع ، وشعرها المنسدل على كتفيها ، ثم على الكرسي ، تنبعث منه حرارة ، تكفي لتدفأتي من برد السنين ، أوشكت أن ألمسه بأطراف أصابعي لكني تراجعت ، تقطعت أنفاسي ، وإنتابني شعور مفاجيء بالدوار ، ورحت أترنح ، حتى إلتفتت إلي بعينيها الخضراوتين ، ونظرت إلي نظرة ثاقبة ، فتجمد الدم في عروقي ، وإحمرت وجنتي في آن واحد ، حتى إرتسمت إبتسامة رقيقة على شفتيها العنقودية ، فرددت بمثلها ، ثم أشارت لي بالجلوس ، جلست أمامها وأنا في حلم جميل ، وقالت بصوت ساحر أخاذ ، ووجه آسر خلاب :
- هل أستطيع أن أخدمك بشيء ؟
فهززت رأسي مرة بلا ثم بنعم ثم بصمت مطبق ، راحت تنظر إلي مستغربة ، وإستجمعت عندها قواي ، وشحذت عزيمتي ، وسللت حماستي وقلت :
- لقد أردت أن أتعرف عليكي ، فأنا أراقبك منذ سنوات !!
فأحمرت وجنتيها من الخجل ، وراحت تنظر إلى الأرض في إرتباك شديد ، ثم واصلت :
- أنا لا أقصد مضايقتك ، ولكن الفضول ، وربما الإعجاب جرأني اليوم لأقتحم خلوتك
فلملمت أشلائها ، وراحت تضحك بهستيرية ، وأنا مستغرب تماماً ، ثم قالت :
- تراقب إمرأة مقعدة في العقد الرابع من عمرها !! أنت غير طبيعي !!
وشعرت بإنها لا تصدقني ، وبدت ملامح الضيق على وجهي ، وخيبت الأمل تشع من عينيا ، وأوشكت على القيام ، فربتت على كفي بحنو بالغ قائلة :
- لا تغضب ، أنا مدينة لك بأول ضحكة في حياتي !!
فسألتها مباشرة وبقسوة :
- ما هذا الكتاب الذي بين كفيك ؟!
فقلبت الكتاب بين كفيها ، ثم نظرت إلي ، ومدت يدها لتعطيني الكتاب ، قائلة :
- تفضل !! يمكنك أن تقرأه ، إنها ذكريات حياتي !!
أمسكت الكتاب ورحت أقلب في صفحاته بنهم شديد ، لا أحرف ، لا كلمات ، لا عبارات ، صفحات بيضاء ، إبتلت ، وجفت ، فنظرت إليها مستغرباً ، لتقول :
- أنا لا أجيد الكتابة مثل الأدباء ، وتلح علي خواطر كثيرة سجلتها بالدموع ، كلها بالدموع !!
فإتسعت حدقتي ، وثغر فاهي ، وهي تنظر إلي وتضحك ، تضحك ، ثم قالت :
- دعني أوضح لك !!
ورحت أقلب في صفحات الكتاب وهي تخبرني بكل نوع من أنواع الدموع المجفف على الصفحة
دموع الغـــــــــــــــــــــــــــــــــضــــــــــــــــــــــــــب
العنــــــــــــــــــــــــــــــــــاد
الرضا
الوفاق
الصلح
الوفاء
الألم
الوجع
الإشتياق
القهر
الظلم
الحرمان
الفقر
الجوع
الحب
اللهفة
المتعة
النشوة
الفراق
اللقاء
العذاب
الإنكسار
الإنتظار
الوحدة
الغدر
الخيانة
الإمتلاك
النصر
الهزيمة
الضياع
الفرح
الحزن
الذل
الرجاء
القسوة
الحنان
الرحمة
الشفقة
المواساة
الندم
الكره
الإنتقام
الخوف
الرعب
الأمان
النسيان
الذكريات
الحقد
البغض
الكرامة
السماح
الصفاء
لكل دمعة قصة كانت تقصها علي ، ومرت الدقائق ، والساعات ، الأيام ، والأسابيع ، الشهور ، والفصول ، وسنوات ، كلمح البصر ، تنتظرني ، وأنتظرها ، وفي كل صفحة دمعة ، ولكل دمعة حكاية ، ودائماً مؤلمة !! ولم يعد في الكتاب غير صفحيتين ، بدمعتين ، هذه الدمعة كانت غريبة ، فنظرت إليها متسائلاً ، فردت بضحكتها الصاخبة التي تعودت عليها قائلة في خجل :
- هذه دموع البصل !!
فضحكت أنا الآخر ، وأنا لا أريد أن أقلب الصفحة الأخيرة حتى لا أحرم من رؤيتها بعد اليوم ، ولكنها أشارت لي برموش عينيها أن أقلب الصفحة ، فلما قلبتها ، وجدتها بيضاء ، بدون دموع ، وعندها أمسكت بيدي لأول مرة ، وشدت عليهما قائلة بصوت متهدج :
- هذا أصعب بكاء ، البكاء من دون دموع ، كالألم بدون صراخ !!
وإذا بي لا أتمالك نفسي ، وتتسلل من مؤقتيا ، عبرات ساخنة ، تنسال على خدي ، وتسقط على غلاف الكتاب ، فتريح ظهرها على الكرسي ، وتنظر إلي قائلة :
- شكراً ، شكراً على التوقيع !!
وراحت!!
ورحت أجهش في بكاء شديد ، أو أؤكد التوقيع !!
إنتهى

نفذ الرصيد - قصة قصيرة

نفذ الرصيد
قصة قصيرة
كتبها : أحمد كمال
دقت الساعة السادسة صباحاً ، فراح يتقلب على فراشه الوثير ، وهو يتمتم :
- نفذ الرصيد ، نفذ الرصيد ، نفذ الرصيد .
ولما فتح عينيه نظر إلى لوحته الطبيعية الخلابة ، التي تعود على رؤيتها من قصره القابع في الطابق الخمسين ، فوق أحد ناطحات السحاب التي يملكها ، ومن خلف النافذة الزجاجية ، تأمل الشمس البرتقالية تولد من رحم البحر الأزرق العميق ، وتحبو بحنو لترتمي في أحضان السماء الصافية ، معلنة ميلاد يوم جديد .
لكن هذا اليوم لم يكن عادياً ، فقد كان الإنسان الثري قلقاً ، من هاتف يلح عليه
- نفذ الرصيد ، نفذ الرصيد ، نفذ الرصيد .
نهض من فراشه الوثير ، وأخذ يجوب الغرفة الواسعة، بجدرانها الزرقاء ، وستائرها البيضاء ، وألوانها الخضراء بدرجاته ، جيئة و ذهاباً وهو يفكر في الرصيد الذي نفذ ، وقرر أن يستجيب لهواجسه ، ويتحرى الأمر .
جاءت الخادمة بالإفطار ، بينما هو منشغل بحاسوبه المحمول ، يتصفح أرصدته في البنوك ، ويراجع حساباتها ، وقال للخادمة قبل أن تنصرف :
- إستدعي لي كل المحاسبين ، أريدهم الآن !!
إستغربت الخادمة طلبه هذا ، ولكنها أومأت برأسها أن نعم وإنصرفت ، وراح هو يواصل البحث ، والتنقيب ، والمراجعة ، حتى إنه هاتف رؤساء البنوك بنفسه ليتأكد ولما تيقن من سلامة أرصدته إستراح قليلاً ، وتناول إفطاره ، ولا يزال الهمس في نفسه ملحاً :
- نفذ الرصيد ، نفذ الرصيد ، نفذ الرصيد .
وحضر المحاسبون ، بدفاترهم وهم يرتجفون ، حتى سألهم
- هل يوجد حساب من حساباتي نفذ منه الرصيد ؟
فهز الجميع رؤسهم أن لا ، فشكرهم وأمرهم بالإنصراف ، وهاتف شركة الإتصالات ليستعلم عن رصيده ربما يكون قد نفذ ، ولكنهم أكدوا له أن رصيده لم ينفذ ، فإنتابه يأس شديد ، ووضع رأسه بين كفيه ، وراح يفركها ، عسى أن تأتيه بجديد ، وبعد عدة دقائق إستسلم وأقنع نفسه بإنه هاجس كاذب ، وغير أكيد .
فأمسك بدفتر المواعيد وراح يقلبه ، ويراجع المواعيد
موعد بعد دقائق
إجتماع بعد ساعة
سهرة هذه الأمسية
غداً في أوربا
بعد أسبوع في أمريكا
بعد شهر في الصين
والإجازة هذا الصيف مع الأولاد في الجزيرة
والعام القادم إفتتاح فرع جديد
وإذا بأطراف أنامل قدميه تداهمها آلام مبهمة ، فلم يهتم وراح يواصل ، إزداد الألم وتسللت قشعريرة في قدميه ، وشعر ببرودة شديدة كأنه يتجمد ، فراح يرشف من فنجان القهوة عدة رشفات عساها تدفئه ، ولما لم يعد يشعر بساقيه ، تمرد ، وأبى أن يبقى جالساً ، وحاول أن يقف ، ولما أبت قدميه أن يحملنه ، سقط على الأرض ، وأخذ يصيح
- أحضروا الطبيب ، أنا مريض ، أحضروا الطبيب
وأسرع الخدم يحملنه إلى الفراش الوثير ، والخادمة تستدعي الطبيب ، وإنقلبت الغرفة الهادئة إلى مستشفى صغير ، ويأتي الطبيب ، تلو الطبيب ، والإنسان الثري راقداً ، مسجياً على ظهره ، مستسلمأً لكل من يعبث فيه ، وإنزوى الأطباء بركن الغرفة وراحوا يتهامسون ، ولكن فضحتهم وجوههم ، اليأس يملأها .
وراحت القشعريرة تتسلل إلى جسد الإنسان الثري ، وتزحف ببطيء نحو رأسه وهي تقتلع من جسده شيء عميق ، عميق ، عميق ، فراح يصيح مستغيث:
- إفعلوا شيئاً ، إني أتألم ، إني أشعر بإقتلاع رهيب !!
وأصابه الإغماء ، ثم يفيق ، ويعاوده الألم فيصيبه الإغماء ، ثم يفيق ، حتى جائته صحوة ، فإعتدل على الفراش الوثير ، وإرتسمت على شفتيه إبتسامة الرضا ، وراح يضحك ضحكاً رنانا ، ً مجلجاً ، وتتسلل من مؤقتيه عبرات ساخنة ، وهو يتمتم :
- نفذ الرصيد ، نفذ الرصيد ، نفذ الرصيد !!
- ثم راح في نوم عميق
- إنتهى

الثلاثاء، 16 يونيو 2009

حكمت ، فظلمت ، فقلقت ، فلا نمت !!

حكمت ، فظلمت ، فقلقت ، ولا نمت !!
قصة قصيرة
كتبها : أحمد كمال
في قاعة المحكمة ، تملكني اليأس ، فدفنت رأسي بين معصمي ، وحاولت أن أستدعي نوماً عميقاً ، وإذا بأصوات صراخ تتعالى ، وهرج ، ومرج ، يتزايد ، وطقطقات إصطدام الكراسي تشبه هدير المدافع ، فرفعت رأسي المدفون بحذر خشية الإصابة ، وإذا بالقاعة قد إزدحمت جداً بالجمهور ، صماً ، وبكماً ، يحولون أن يتكلمون ، فلا يستطيعون ، فيصرخون ، بعواء غير مفهوم ، ولكن ملامح وجوههم كانت تقول ، غضب ، تمرد ، ثورة ، وسرعان ما ينكسرون ، فتسللت من وسط الزحام ، لأنزوي في ركن هاديء بجوار قفص الإحتجاز ، وإذا بي أرى القفص صار ذهبياً ، والمتهمون أطفالاً ، يلعبون ويأكلون الحلوى ، وبمن حولهم لا يكترثون ، تعجبت كثيراً ، وناديت عليهم متسائلاً :
- ماذا هنا تفعلون ؟
فنظروا إلي بدهشة وقالت طفلة بوجهها الملائكي :
- أنت المدافع عنا وتسألنا ؟ الآن !!
فشعرت بخزي يتملكني ، وخجل يحيط بي وقلت :
- ربما أكون قد نسيت فذكروني ؟
فضحك طفل تتقافز الشقاوة من عينيه قائلاً :
- وكيف تتذكر وليس لديك عقل في رأسك ؟
فتحسست رأسي بكفي وإذا برأسي فارغاً ليس به مخ !! أردت أن أصيح فإذا بالطفلة ملائكية الوجه ، تكتم فمي بيدها البيضاء الرقيقة جداً وتقول بصوت آسر مطمئن :
- لا تخاف لقد بقي عندك ضمير ولهذا إخترناك لتدافع عنا !!
نظرت إليها والفزع يملأني ، والدهشة أدركتني ، لكن شيئاً ما في عينيها الزرقاوتين ، طمأنني ، وأبحرت في صفاء عينيها ، حتى نادى الحاجب على القضية ، فشدت على يدي قائلة والأمل يملأها ، وإبتسامة عريضة على شفتيها :
- هيا ، ولا تضيعنا !!
فأسرعت ألملم أشلائي ، وأقتحم الزحام الشديد ، لأصل بعد إعياء إلى منصة القاضي ، كانت أعلى مما تعودت ، فرفعت رأسي عالياً ، لأنظر إليه ، فإذا بالقاضي له وجه غليظ ، غليظ ، ورأسه أجوف ، وليس به مخ ، ولا تكاد تراها عين واحدة والأخرى مفقوعة ، وأذن واحدة والأخري مقطوعة ، وكتف مائل تارة ناحية اليمين وتارة ناحية اليسار ولكنه لا يستقيم !! فنظر إلي القاضي مستغرباً قائلاً :
- ألن تترافع عن المتهمين أيها المحامي ، أم ستبقى تتأمل في ؟
وشعرت لأول مرة ببركان يتدفق من أعماق ، أعماقي ، يقذف بكلمات صادقة على لساني وأدركت عن يقين معنى الضمير وقلت :
- سيدي ، سعادتك ، سيادتك ، فضيلتك ، إن المحتجزون في القفص أطفال ، لا يزال الأمل فيهم ، والمستقبل أمامهم فلماذا نسجنهم وندفن طموحهم المشروع ، والبراءة لا تزال فيهم لم يلوثوا مثلنا !!
فهاجت القاعة ، وعاد الصياح ، والعواء المكتوم ، والقاضي يدق بشاكوشه الحديدي ، على طاولته الحديدية ، ليصدر رنيناً مزعجاً ، وإذا بكلاب سوداء تزين رقبتها أطواق جلدية ، مرصعة بنجوم ذهبية ، يتدافعون إلي القاعة ، يهاجمون بضراوة ، والجمهور يصيح ، ويصرخ مستغيث ، حتى أخليت القاعة ولم يبق غيري والكلاب من خلفي ، والأطفال في القفص يرتعشون من الرعب ، فهمس القاضي قائلاً :
- أتدافع عن المتهمين بنفس الإتهامات الموجهة إليهم ؟!
إستغربت كثيراً ، الأمل ، والطموح ، والبراءة ، أصبحت تهمة فتداركت قائلاً :
- أنا لا أخاطب القاضي الذي أمامي ، أنا أخاطب ضميرك الخامد وأترجاه أن يثور لهذه الأطفال البريئة !!
سارت قشعريرة ممتعة في جسدي ، ورأيت القاضي يهتز ويوميء برأسه ، وقد تهللت أساريره وقال وهو ينصرف :
- الحكم بعد المداولة !!
وإلتفت نحو القفص والكلاب السمينة من حولي ، وأنا أنظر للأطفال متسائلاً ، فردوا بإبتسامة متفائلة ، وإذا بالحاجب يصيح بصوت أجش معلناً دخول القاضي ، ويد غليظة توقظني من غفوتي العميقة ، فوقفت سريعاً ، ولا يزال النعاس يداهمني ، تحسست رأسي فوجدت عقلي عاد إليها ، والبركان بداخلي لا يزال يتدفق ، والقاضي ينطق ببراءة المتهمين ، والقاعة تهيج فرحاً ، وتنطلق الزغاريد ، فأسرعت أقتحم الزحام ، حتى دنوت من قفص الإحتجاز ، وإذا به نفس القفص القديم ، وليس به أطفال ، به إنســــــــــــــــان
إنتهى
http://www.facebook.com/profile.php?id=547339073&ref=profile للتعارف إضغط هنا
http://ahmedkms.blogspot.com/ للمزيد إضغط هنا
Ahmedkms@hotmail.com للمراسلة

السبت، 13 يونيو 2009

صاحبة الشجرة - قصة قصيرة

( صاحبة والشــــجرة )
قصة قصيرة
كتبها : أحمد كمال
وقفت خلف النافذة تنظر من داخل حجرتها في البيت الكبير على قمة الجبل ، عاصفة شديدة ، ثلوج كثيفة ، رعد وبرق ترتعد منه الفرائص ، وإذا بالكهرباء تنقطع ، والظلام الدامس يدرك كل من في البيت ، بياض الثلج هو الشيء الوحيد الذي يرى في هذا الليل الصعب !!
وإذا بصوت طفلة صغيرة يلين قسوة الليل الصعب تنادي مرتجفة خائفة :
- ألن نهبط إلى أبي يا عمة ؟
فإلتفتت العمة نحو الصوت وهي لا ترى شيئاً قائلة
- بلى يا حبيبتي ، هيا ، هيا تقدمي نحوي بحرص
ويطلقان يديهما في الهواء بحثاً عن بعضهما البعض ، وإذا بأطراف أصابع يد الطفلة الصغيرة تلامس أطراف أصابع يد العمة الشابة ، وبسرعة تلامس بكفيها وجهها ، تصيح الطفلة خوفاً ، فتجثوا العمة على ركبتيها وتضم إلطفلة إلى صدرها بحنو بالغ ، ثم تهب واقفة وهي تطمئنها وتحملها على ذراعيها ، وتسير في ظلام دامس ، بخطاً حريصة ، تتلمس بكامل أحاسيسها الطريق !! وتتحسس براحة قدميها الإتجاه الذي به تسير ، حتى ظهر من بعيد ، ضوء شاحب مريض ، أسرعت نحو الضوء ، وهبطت الدرج بسرعة ، حتى إلتئمت مع أسرتها حول المصباح الصغير ، وإرتمت الطفلة في أحضان أمها ونست عمتها !!
كانوا من البرد يرتعدون ، وهي تلقي السلام بشفاة مرتجفة ، وتجلس على الأريكة ، وعينيها تبحث عن شيء يدفئها من برد شديد ، ردوا عليها التحية ، وهم يرتعدون من البرد ، وكل يفكر كيف نتدفأ في هذا الليل الطويل ، والطريق المقطوع ، حتى ينبلج الصباح بنور الشمس الدافئة ، وإذا بشقيقها يصيح :
- لماذا لا نحتطب من الحديقة ؟
فيرد الآخر :
- الحديقة كلها أشجار مثمرة !
ويتدخل الشقيق الأصغر قائلاً
- ويبدوا إنك نسيت أن هذا الشجر قد زرعه والدك بأسمائنا
فتداعبه شقيقته الوحيدة قائلة :
- ربما نويت أن تتخلى عن بخلك وتقطع شجرتك لتدفئنا بخشبها !!
فيضحك الجميع وإذا بالشقيق الأكبر يقول بجدية :
- ولماذا لا نقطع شجرتك أنت !!
فيسود صمت مطبق ، حتى تتحمس له زوجته قائلة :
- ولما لا ، إنها شجرة يابسة !!
وكأن الفكرة قد غزت رؤوس الجميع عدا الشقيقة صاحبة الشجرة ، فوقفت ومن خلفها ظل عظيم وهي تصيح معترضة :
- هذه شجرتي ولن يقطعها أحد !!
فترد زوجة الشقيق الأوسط مدافعة :
- ولكن الأطفال سيتجمدون من البرد ، ألا تنظرين ؟ !
فتنهرها صاحبة الشجرة بظلها العظيم :
- إن لآباهم أشجاراً يمكن أن يقطعوها ، ولكن ليس شجرتي !!
فتعنفها زوجة الشقيق الأصغر قائلة :
- لو كان لك أطفالاً لأدركتي ما نقول !!
وهنا هوت صاحبة الشجرة على الأريكة ومن خلفها ظلها العظيم ، ويسرع الأشقاء الثلاثة مع المصباح الصغير ، يحملون الفؤوس ليقطعون شجرة شقيقتهم اليابسة ، وهي تستدعي صوتها من أعماق جرح كبير ، وتغزو الدموع مقلتيها ، ليزيد عليها مشقة الكلام ، ولكنها بصوت مبحوح تصيح :
- لقد يبست الشجرة لأن أحداً لا يسقيها ، ربما في هذا الربيع تجيد !!
فينظرن لها زوجات أشقائها الثلاثة ، والسخرية بادية على وجوههن وتقول إحداهن :
- لقد يبست الشجرة ، ألا تدركين ؟!
وتستجمع صاحبة الشجرة قواها ، وتقف على قدميها ، وتطلق ساقيها للريح وهي تصيح :
- لا تقطعوا شجرتي ، إنها يابسة ولكن الحياة لا تزال فيها ، إنها تخضر في الربيع ، وتفوح منها رائحة أحبها ، وتتقافز العصافير عليها مع مطلع كل يوم جديد .
حتى وقفت أمام شجرتها ، ورأتهم يضربون ساقها العتيد ، والثلج يغطي كل شيء حتى كسى وجهها ، وهي بيديها تسقطه ، وتقول مستعطفة :
- لا تقطعوا شجرتي ، إني أستظل بها من حرارة الصيف ، وأكتب تحتها قصائدي وقصصي ، وأحكي لها كل أسراري ، وهي تحكي لي !!
وما أن بدأت الشجرة تتهاوى ، حتى أبت ساقيها أن يحملنها ، ودارت الدنيا من حولها ، وهوت بجسدها على كومة من الثلج الكثيف مغشياً عليها ، فأسرع أشقائها لنجدتها ، وحملوها إلى البيت حتى تستريح .
وبينما الأسرة حول النار تصطليها ، وأصبح البيت دافئاً ، أفاقت صاحبة الشجرة ، ونظرت بحسرة إلى حطب شجرتها ، فإرتسمت على شفتيها إبتسامة شاحبة ، وهي تستدعي أنفاسها الذاهبة قائلة :
- وداعاً يا شجرتي ، وداعاً كما ودعتني !!
ثم أطبقت جفنيها .......... وذهبت !!!
إنتهى

http://www.facebook.com/profile.php?id=547339073&ref=profile للتعارف إضغط هنا
http://ahmedkms.blogspot.com/ للمزيد إضغط هنا
Ahmedkms@hotmail.com للمراسلة

الثلاثاء، 9 يونيو 2009

مشروع الحركة الوطنية من أجل الدستور

الحركة الوطنية من أجل الدستور
( الجمهورية الثانية )
لقد شاهدت كما شاهد ملايين المسلمين خطاب أوباما إلينا ، وكنت أتحرى شوقاً لأستمع إلى ما يثلج صدري ، ويدعوا الأنظمة الحاكمة في بلادنا وخصوصاً مصر إلى تطبيق الديمقراطية الصحيحة ، ولكن للأسف سمعت ما صعقني ، وخيب ظني ، وحطم آمالي ، ورأيت أوباما على حقيقته رئيساً أمريكياً ، ويحق له العمل لصالح شعبها ، والعمل على حفظ أمنها وسلمها ، لقد دغدغ مشاعرنا ، ولكن إستفقنا عندما صرح بأن الديمقراطية لا تفرض من الخارج ، لتبقى الشعوب ذليلة ، وتبقى مصالحه مع تلك الأنظمة مستمرة ، على الرغم من أن سبب بقائها الوحيد هو دعم الإدارة الأمريكية لهذه الأنظمة ، ولتبقى بالتالي هذه الأنظمة أسيرة للبيت الأبيض ولقد كان لأوباما ما كان ، وبقيى لنا الشعور بالحسرة وخيبة الأمل ؟!
ولقد شعرت بالخجل ؟! نعم ، كيف أسمح لنفسي وأنا المثقف المتنور أن أتعشم في رئيس دولة عظمى منهارة أن يمنحني حريتي !! ولم تكن الحرية أبداً هبة يمنحها النظام لشعبه ، وإنما على ذلك الشعب أن ينتزعها إنتزاعاً . وبدأت أفكر في طريقة سلمية تمكننا من التحرك من أجل التغيير ، ومقاومة التوريث ، وليس التغيير في معناه الأوسع ، بل التغيير المحدود والمركز على المطالبة بدستور جديد للبلاد يؤسس لقيام الجمهورية الثانية ، ويضمن الحرية ، والعدل ، والمساواة ، ويكفل التعددية ، ويحقق تداول السلطة ، يصون للمواطن حقوقه ، ويحفظ حرماته ويحدد واجباته . هذا هو الهدف الوحيد الآن ، ميثاق إجتماعي جديد ، يخرج تلك الدولة من كبوتها ، ويجعل الشعب الذي أصبح فريسة للإنهزامية ، واللامبالاة ، والخوف ، والفساد ، شعباً متحركاً ، يعبر عن نفسه ، ويمتلك زمام المبادرة .
إنني ببساطة ووضوح أقترح تأسيس حركة وطنية من أجل صياغة دستور جديد للبلاد ، يضمن تحقيق كل المباديء السابقة ( حرية – عدل – مساواة – تعددية – تداول سلطة ) ولا أسعى إطلاقاً لأي صدام مع النظام وأجهزته الأمنية ، بل ستكون حركة سلمية تعمل إستناداً للدستور الذي يحكمنا به أسيادنا !! فالمادة (1) من الدستور تنص على أن (( جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي )) أليست الديمقراطية هي حكم الشعب بالشعب ولصالح الشعب !! وبالتالي يحق لهذا الشعب أن يعبر عن نفسه بالطرق الديمقراطية ! كما تنص المادة (3) على (( السيادة للشعب وحده ، وهو مصدر السلطات ، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور )) أفلا يحق لهذا الشعب أن يمارس سيادته في العمل على تغيير دستور شاخ ، وهرم ، وفقد صلاحيته .
والأهم ، الأهم ، تنص المادة (62) على (( للمواطن حق الإنتخاب وإبداء الرأي في الإستفتاء وفقاً لأحكام القانون ، ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني .)) أي أن ما سنقوم به هو بنص الدستور واجب وطني فنحن سنشارك في الحياة العامة التي هي حياتنا !! وإبداء الراي ليس مقصوراً على إستفتاء أو إنتخاب بل إنه يشمل جميع أوجه الحياة ، وإلا لما كان شملها المشرع بصفة الواجب الوطني ، وأخيراً ما يحدد لنا وجهتنا الصريحة وفقاً لنص المادة ( 63 ) من الدستور التي تنص على (( لكل فرد حق مخاطبة السلطات العامة كتابة وبتوقيعه ولا تكون مخاطبة السلطات العامة بإسم الجماعات ولا للهيئات النظامية والأشخاص الإعتبارية . )) أي إنه يحق لهذا المواطن المسحوق ، والشعب المطحون ، مراسلة أسياده من السلطات العامة ، والشكوى إليهم والتقدم بمطالبه لهم ، حتى وإن كانت مشكلته سببها هم ، والشكوى ضدهم !!
والفكرة ببساطة هي تأسيس الحركة الوطنية من أجل الدستور ، من أمين عام ، وسكرتير ، وأمين صندوق ، وتنبثق منها عدة لجان أساسية وفرعية ، لتحقيق الهدف ويكون هناك لجنة أساسية لصياغة دستور جديد للبلاد بمشاركة منابر من جميع الأحزاب ، والتيارات السياسية ، والنقابات ، والإتحادات ، وبالطبع هذه اللجنة تتكون من متخصصين في الدستور وهم كثر ، والآلية التي تنتهجا الحركة هي حشد أكبر عدد ممكن من خطابات وتوقيعات المطالبة بتغيير الدستور من المواطنين مباشرة ، وليس عن طريق النت !! أو غيره ، إحياءاً لما قام به الزعيم العملاق سعد زغلول مع بعض التطوير ، على أن ترسل تلك الخطابات إلى الرئيس مبارك شخصياً للضغط عليه وعلى نظامه قبل إنتخابات الرئاسة القادمة ، والتي أظن إنها ستكون الواقعة ، فلن نجد بعدها دولة لكي نصيغ لها دستور ، ولا حتى شعباً نجمع توقيعاته !! وكلما كان العدد مليونياً كلما إهتز هذا النظام ، وراجع نفسه ، وجعلناه يتردد في خطواته نحو التوريث ، والفائدة الأعظم والأهم هي أن نثبت لأنفسنا إننا لسنا خامدون ، ولا خاضعون ، ولا مستسلمون ، وقد تحملنا مسؤليتنا بشرف كنخبة مثقفة في هذه الأمة نحو العامة والبسطاء وأبرئنا ذمتنا أمام الله ، وأنا واثق أن هناك آلاف ، وربما ملايين سوف ينضمون إلينا ، ولا تتجاوز أحلامهم غير جدار يأويهم ، وكسوة تكسيهم ، ولقمة تشبعهم ، والستر بعد ذلك يحميهم ، هذا هو ملخص الفكرة ، وهدف المشروع من أجل دستور جديد .
بالطبع المسألة ليست بسهلة ، ولكنها ليست بصعبة ، بل على العكس تماماً ، كل المطلوب فقط دقة في التنظيم ، لنحصل على أفضل النتائج ، ونؤثر في كل من حولنا بمصداقيتنا ، ونزاهتنا عن أي مطمع ، ونحصل على أكبر عدد ممكن من خطابات المطالبة بتغيير الدستور ، من عامة الشعب وبسطائه ، فلاحون ، وعمال ، طلاب ، وأخيراً نخبته المثقفة !! وبالطبع للحديث بقية مع من يرغب في مشاركتي في هذا المشروع ، وأخيراً أشهد الله إنني لا أرمي إلى أي هدف الآن أو لاحقاً من وراء هذه الفكرة ، وإنني لا أنتمي لأي حزب أو تيار سياسي ، وكل ما أطمح إليه أن أرى مصر دولة بمعنى الكلمة ، وليست قبيلة ن يحكمها شيخ ، ويسكنها 00000000؟!
أنتظر ردكم
http://www.facebook.com/profile.php?id=547339073&ref=profileللتعارف إضغط هنا
http://ahmedkms.blogspot.com/ للمزيد إضغط هنا
Ahmedkms@hoitmail.comللمراسلة

الأحد، 7 يونيو 2009

مصريوا الهوية في الدولة الصهيونية !!

مصريوا الهوية في الدولة الصهيونية
صدر في الأيام الأخيرة حكم قضائي بطلب إسقاط الجنسية عن ثلاثين ألف مصري تقريباً!! متزوجين من إسرائيليات ، ومقيمين في إسرائيل .
والحقيقة أن هذا يعد فكاهة مبكية ، فلم يحدث أن أسقطت أي دولة في العالم وفي ظل أسوأ الأنظمة الجنسية عن هذا العدد من مواطنيها ، ودفعة واحدة ، أو حتى صدر حكم قضائي سابق بذلك !! ولسبب غير وجيه على الإطلاق ، ويتعارض وحقوق الإنسان الرئيسية وعلى رأسها حقه الطبيعي في السفر والتنقل ، والذي كفله له الدستور المهلهل الذي نحتمي به !! وبالرغم من أن حيثيات الحكم يظل فيها منطق يمكن فهمه ، ولكن في دولة لم توقع معاهدة سلام مع إسرائيل ، وليس بها سفارة يرفرف عليها العلم الإسرائيلي في قلب القلب من عاصمتها المقهورة ؟!! فأصبح وكأن القضاء دولة في حد ذاته داخل هذه الدولة !! أو ربما لا يدري بما يدور حوله .
إن القانون المصري رقم 26 لسنة 75 بشأن الجنسية المصرية هو قانون عنصري ، تجاوزه الزمن وداست عليه الحكومة بأغلظ أحذيتها ، ونسيت الحكومة في غمرة هرولتها نحو الإستسلام لإسرائيل ، تقنين تشريعاتها ، وغربلة قوانينها ، لتنسجم مع الوضع المخزي الجديد ، فأصبح هناك وضع شاذ ، ومتناقض داخل الدولة الواحدة ، حكومة متزوجة زواجاً كاثوليكياً من إسرائيل وبالطبع لا طلاق فيه !! ولا أحد يحاسبها ، ومواطن يائس ، بائس ، حائس ، متزوج زواجاً تقليدياً من إسرائيليات هن في أغلبيتهن من عرب 48 مسلمات أو مسيحيات ، وحتى لو يهوديات ، لا مشكلة ، فهو مدان ومهدد من القضاء بحكم لإسقاط الجنسية عنه وإتهامه بالخيانه ، والتعامل مع العدو ، والأنكت أن الحكومة هي التي ستنفذ الحكم !! ولا أدري في الحقيقة أي دولة هذه التي تحوي هذا التناقض ولا تنفجر ، وأي شعب هذا الذي يبلغ تعداد سكانه السبعين مليون ويخشى على نفسه من دولة تعدادها عشرة ملايين ، وثلاثين ألف من مواطنيها المقيمين في إسرائيل !!
لقد أعطى القانون الحق لرئيس الجمهورية في منح الجنسية لأي أجنبي قدم خدمات جليلة للوطن ، دون إستثناء الجنسية الإسرائيلية بمعنى إنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يمنح الجنسية لأي مواطن إسرائيلي عمل جاسوساً لصالح مصر في داخل إسرائيل ولن يعلم أحد عن ذلك لدواعي أمنية ، وقد يكون قد حدث ذلك بالفعل !! كما أن القانون قد منح صلاحيات الجنسية لوزير الداخلية ، يمنح ، ويحجب ، ويصطفي ، ويختار ، علماً بأن عمل وزير الداخلية في الأصل حفظ الأمن ، ووزارته نفسها سيئة السمعة في مجال حقوق الإنسان فكيف نمكنه من أمر خطير مثل هذا وبدون رقيب ، فالوزير الطبيعي والمختص هو وزير الخارجية ، أو الهجرة ، أو حتى رئيس الوزراء ، وكان من الواجب أن ينص القانون على ضرورة الإعلان عن أي شخص يحصل على الجنسية المصرية حتى يعلم المجتمع عن أي عضو جديد إنضم إليه !!
هذا وقد حدد القانون بالرغم من مساوئه حصرياً في المادة 16 أسباب إسقاط الجنسية المصرية عن كل من يتمتع بها ، والنص الوحيد الصريح والذي ينطبق على إخواننا في إسرائيل هو أن يقيم في دولة تتصف في أي وقت من الأوقات بالصهيونية ، وإسرائيل دولة صهيونية ، ولكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــن من منح هؤلاء الشباب تصاريح بالسفر والعمل في إسرائيل ، ومن أي مطار غادروا ، وأي طائرة إستقلوا ، وما هو الجهاز الأمني الذي منحهم تصاريح الزواج ، إنهـــــــــــــــــــا كلــــــــــــــــــــــــــها مصـــــــــــــــــــــــريــــــــــــــــــــــة !! كان بالإمكان منعهم !! ولكن خشت الحكومة من إغضاب أسيادها في تل أبيب ، وقبلت توريط مواطنيها مع المجتمع الذي يرفض التطبيع !! وأصبح المصري أياً كان رأيي فيه ضحية لحكومته ، وفريسة لقضائه ’ وبدلاً من تعاطف المجتمع مع ضحاياه يسعى الآن لبترهم !! والتبرأ منهم .
إن الوطن أم والمواطن ابن ، فلا يجوز أن يكون هناك توجس للإبن من أمه ، فيمكنها أن تتبرأ منه إن طلح ، وترفعه إلى السماء إن صلح ، إن الإبن يبقى إبناً والأم تبقى أماً في جميع الحالات ، علاقة أبدية لا تنفصل ، والإبن في النهاية حصاد أمه وتربيتها فإن أحسنت فنعم الحصاد ! وإن قصرت فبئس الحصاد ، ويكون المخرج أن تتبرأ منه ، دون أدنى إحساس أو شعور بأي مسئولية ، كمن تلقي بولدها أمام مسجد !! فاليقين الصادق والفطرة السليمة ، يلزمان الأم وأبنائها على الإبقاء على علاقتهما مهما حدث ، ونفس الشيء ينطبق على الوطن أو الدولة فالجنسية حق حتمي لا يمكن لأحد أن يسقطه عن المواطن وهذا ما يجب أن يشمله أي قانون جنسية جديد ، وأي مواطن يخطيء يمكن أن نعاقبه دون إضاعة هويته !! والمساس بجنسيته .
وأخيراً سامحوني على صراحتي ، فيعلم الله وأنا أكتب هذه الكلمات أبكي مثل الأطفال اليتامى ، فالجنسية المصرية ليست مطمع لأحد ، والمصري في أي دولة في العالم خصوصاً العربية منها ، يساوي الذل ، والعار ، والمهانة ، وإنتهاك الحقوق ، والسحق بالأحذية ، وكلنا !! أو معظمنا يسعى للحصول على جنسية أي دولة أخري ، لأنها ستكون أكثر إحترماً من الجنسية المصرية !! كما أن أي دولة ينتحر أبنائها صباحاً ، مساءاً في عرض البحر ، أو يتعلق مراهقيها في إطارات الطائرات للحصول على لقمة العيش ، هذه الدولة هي التي يجب أن تحاكم ونتبرأ منها ، حكومتهــــــــــــا ، وحتى أرضهــــــــــــــــــــــــــــــا !! وأخيراً ، أخيراً ، أخيراً ، إن الشعب العريق ذو السبع آلاف سنة حضارة لا يجب أن يخشى أبداً على نفسه من حفنة من اللصوص وإن قووا ، وبدلاً من بتر أبنائنا اليائسين ، والتعامل معهم على أنهم عملاء وخائنين ، علينا أن نجعلهم وأبنائهم بل وزوجاتهم رأس حربة لنا في عمق ، عمق فلسطين ، ليكونوا مصريين الهوية ، في الدولة الصهيونية !!

http://www.facebook.com/profile.php?id=547339073&ref=profile للتعارف إضغط هنا
http://ahmedkms.blogspot.com/ للمزيد إضغط هنا
Ahmedkms@hotmail.com للمراسلة