إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 23 أبريل 2012

المبادرة الشعبية لإنقاذ الثورة المصرية

المبادرة الشعبية لإنقاذ الثورة المصرية
إن أنصاف الحلول مشكلة ، وأنصاف المواقف تواطؤ ، وأنصاف الثورات كارثة .
وهذا هو الواقع اللغز الذي تعيشه مصر منذ ما يقرب من عام ونصف ، وبقراءة متأنية لتلك الثورة الدرامية التي ظن الجميع بأنها اكتملت و وضعت نهايتها السعيدة بتنحي مبارك في الحادي عشر من فبراير العام الماضي ، وسلم سلطاته إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان هو بحد ذاته بداية الفصل الأول للغز الكبير ؟!! فلا أحد يدري من الذي ورط من ؟ مبارك بتنحيه ورط المجلس الأعلى ، في كارثة هو وحده يعرف مداها ، أم أن المجلس الأعلى بأنصاف رجاله التقطوا الفرصة التاريخية وأنجزوا حلم التخلص من مشروع التوريث الأبله ، فتقاطعت مصالحهم الصغرى مع مصالح الشعب الكبرى لنقع في فخ المجلس الأعلى الفاسد بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، فهو المنفذ الدقيق للمصالح الأمريكية في المنطقة ، والمتورط في كل مصائب وخروقات المنطقة الإستراتيجية للمصلحة الأمريكية .
إن مثل هذا المجلس لا يمكن أن يقود ثورة وهو بذاته منقاد وراء مصالحه ، فارتكب الثوار خطيئتهم الأولى بالانصراف من الميدان دون تنصيب مجلس قيادة للثورة ، راضون ومسلمون الأمانة للمجلس الأعلى الذي لا دستوريه لوصفه ، ولا شرعية في حكمه غير الشرعية الثورية التي سرعان ما انقلب عليها . وكذلك سرعان ما انكشف الغطاء عن الأطماع المتعفنة داخل التيارات السياسية باختلافها وبإجماعها !! ووجد الشباب المبادر البريء نفسه بين شقي الرحى ، مجلس أعلى مريض خلفه مؤسسة عسكرية ضخمة يسعى للإبقاء على نظام أعلنت وفاته ولكنه مصر على إبقاءه تحت أجهزة التنفس الاصطناعي ، وبين تيارات سياسية بلهاء لا تعترف بالثورة الوليدة إلا في إطار تحقيق مصالحها الضيقة ، وتجيد التقاط العظام التي تلقى إليها ، وتتفنن في عقد الصفقات الخاسرة منذ عشرات السنين ، وهكذا بقيت في مقابل النظام الميت تحت أجهزة التنفس الاصطناعي ثورة وليدة حبيسة حضانة تنتظر لحظة انطلاقها !! وهذا الحال لا يمكن أن يدوم ، أو يظن أحد أن يطول ، فإن أسباب الإنفجارات موجودة ، وعوامل تجنبها معدومة ، وسيفلت الأمر من يد المجلس الأعلى حتماً إما بالانقلاب عليه من داخل المؤسسة العسكرية نفسها ! أو بقيام موجة ثورية جديدة تخلعه من عرش المؤسسة العسكرية التي تحميه .
ويجب أن يكون واضحاً أن اندلاع مواجهات واسعة بين الجيش والشعب أمر مستحيل وذلك بسبب عقيدة الطرفين فالشعب يرى في الجيش سنده ومفخرته ولن يحاول مواجهة أفراده أو توريطهم في قتال داخل المدن ضد أفراد الشعب ، والعقيدة القتالية للقوات المسلحة ترفض رفضاً قاطعاً التورط في أي صراع مسلح ضد الشعب المصري لأنهم درعهم الذي يحميهم ، وسيفهم الذي يبطش بأعدائهم .
ولما كان هذا هو الحال استمر اللغز يكبر ويكبر ما بين الاستفتاء على تسع مواد دستورية لدستور فقد شرعيته ، وإعلان دستوري غير دستوري ! وسقط هو الآخر بانتهاء الستة أشهر مدة الفترة الانتقالية ! والانقسام الغير مبرر بين من قالوا نعم ويدفعون أغلى الأثمان الآن ويشعرون بالندم ؟ ومن قالوا لا وأصبحوا ضحايا لمن قالوا نعم ؟؟!! والانتخابات التي جرت في أجواء غير انتخابية ، فجاءت نتائجها مخيبة للآمال ، وأصبح لغز مجلسي الشعب والشورى لغزان جديدان يضافان إلى سلسلة الألغاز المصرية ؟ فلا دستوراً يحميهم ! ولا سلطة تؤويهم ! وفقط المصالح المتقاطعة أحياناً ، والمتناقضة كثيراً هي التي تسيرهم ، وتصارع اللغزان الشرعية لمن ؟ للقبة أم للميدان ؟؟!! حتى وجدنا القبة تزحف لاهثة على الميدان تهتف في لغز جديد ( يسقط يسقط حكم العسكر ؟ )
وحتى لا ننتظر طويلاً أصبح البرلمان مهدد بالسقوط في بئر غير الدستورية لدستور غير موجود ! وإعلاناً دستورياً انقضى أجله !!! وأصبحنا جميعاً نخضع للألغاز ، تحكى لنا ونشاهد فصولها ، الفصل تلو الآخر دون أن نحل لغزاً واحداً ربما انتهت عندها ( الملغزة ! ) ولكن كيف نلتقط أنفاسنا والمصيبة تلو الأخرى تلاحقنا ، والمجزرة تلو الأخرى تفعل بنا ، ولإفلاس يتهددنا ، والأزمات تفرغت لنا ، وفخامة الرئيس من هنا أو هناك يتحفز ليكون الفرعون الثائر ! أو ربما الفرعون المجاهد ؟ وكلاهما سيقوداننا إلى لغز جديد لن نتمكن من فك طلاسمه ، أو حتى السماح لنا بشرف المحاولة وفتح كتاب فك الشفرات المصلحية بين الأطراف السياسية المتسرطنة في كبد الدولة المصرية ؟!
ولن يكون أمامنا اختيارات بل هي إجباراً ما بين السيئ والأسوأ ، فعليك أن تختار رئيس من الفلول يدعمه المجلس الأعلى ؟؟!! أو رئيس مغرور منافق عليم اللسان يجادلك دائماً بالقرآن والسنة ! ويرجعك إلى ما سلف ! ويستفتي علماء الأمة فيما لا يعلمون ! فيصبح جلب المضر منفعة ؟ والله المنزه هو ؟ والتفسير هوى ؟ فتفسد السياسة الدين ، ولا يصلح الدين السياسة ؟ وسأسمح لخيالك الخصب إن يجول في باكستان ، وأفغانستان ، واليمن ، والصومال ، ومن قبلهم السودان ..... ؟!
إن اللغز لا يزال مستمراً وسيناريوهات الألغاز القادمة اكثر قتامه ووحشية ، ولكن المؤكد والأكيد إنها لن تحدث أثرها لأن هناك إرادة قوية تدفع هذه الثورة دائماً على الأمام وتقودها إلى الانتصار ، إرادة تتحرك بقواعد لا بشرية ؟ يصعب فهمها ؟ ولكن يسهل إدراكها !! فلو عاد المجلس الأعلى وانقلب على الثورة ستنقلب عليه المؤسسة العسكرية نفسها ، ولو حاول إعادة دستور واحد وسبعين سيكون كمن يحيي العظام وهي رميم ! وكالمستجير بالرمداء من النار ؟!! فلن يحميه من الخلع ولو طال ! أو تؤمنه من المحاكمة ولو ماطل ! وأي دستور في هذه الظروف لن يرضى عنه لأن الدستور لا يوضع في زمن الألغاز بل يصاغ في زمن الحلول ، والنور ، والوضوح . وحتى الرئيس الفرعون القادم لن يحكم ن أو يستريح ، فسرعان ما سيغادر ، أو ربما يرحل بطرق مختلفة؟ وقد يختفي بدون أي مبررات !!
إننا يا سادة في زمن الألغاز التي باتت تسخر من عقولنا الضيقة ، وقلوبنا المريضة ، وأجسادنا الهزيلة ، حتى بتنا نعجز عن حلها ! والحل يكمن في رؤية جديدة ، لثورة وليدة ، نبتدعها نحن وتصبح سنة لغيرنا ! فبدلاً من أن ننتظر الرئيس ، علينا أن نأتي به نحن ؟ بآلية جديدة مبتكرة تجعله عون لنا ، لا عون علينا ، ويخضع لمعايير يستحيل معها الاختلاف ؟ نعينه بما نستطيع ، ليعيننا بما لا نستطيع ، ونضمن انصراف المجلس الأعلى للقوات المسلحة من الحكم فوراً بطريقة قد تكون عشوائية ، لكن تتدخل فيها العناية والقدرة الإلهية ؟ التي حمت دائماً الثورة المصرية ؟! وآلية الاختيار هي ( أكبر المواطنين سناً ) سواء كان رجل أو امرأة ، مسلم أو مسيحي أو غير ذلك ! وذلك وفق المعايير التالية :
1 – حاصل على مؤهل عال
2 – مصري الجنسية
3 – مستقل ولا ينتمي إلى المؤسسة العسكرية أو الأمنية أو رجال الأعمال
4 – حسن السير والسلوك
5 – شارك بالتصويت في الاستفتاء أو الانتخابات التشريعية ( بعد الثورة )
6 – لائق طبياً
ومن فرز هؤلاء المواطنون حسب السن ، بإشراف المجلس الأعلى للقضاء ، ووفق الضوابط السابقة ، سوف نحصل على رئيس مؤقت لفترة انتقالية ، نقبل بحكمه ، ونكون في عونه ، وفق وثيقة شرف شعبية من عشرة بنود يستفتى عليها والمجلس الأعلى للقضاء يكون هو المسئول عن تنفيذ هذه الإجراءات ، وقسم الرئيس يؤدى في ميدان التحرير وسط احتفال ثوري مهيب يكون هذا نصه ( اقسم بالله العظيم ، أن أحقق مطالب الثورة ، وأن أرعى مصالح الشعب ، وأن أحكم بالعدل ، وأصون الوطن ، وأحمي أراضيه ، وأقتص للشهداء ، وأثأر للمصابين ، وأفك أسر المعتقلين ، وأنصر الثوار ، والله على ما أقول شهيد ) يكلف هذا الرئيس جمعية تأسيسية للدستور من ألف عضو بنظام ( واحد من واحد ) بمعنى أن تختار كل شريحة في المجتمع أحد أفرادها يمثلها في الجمعية فلا يختار الرئيس أحداً ، ثم تختار هذه الجمعية لجنة من مائة فقيه دستوري لصياغة أفكارهم في دستور ، ويتم الاستفتاء على الدستور مادة مادة ويكون الاقتراع بثلاث اختيارات ( أوافق – لا أوافق – أقترح ) فإذا ما قبل المقترع نص المادة صوت أوافق وإذا لم يقبل يصوت بلا أوافق ويكون مسموحاً بالتصويت أقترح على أساس إنها امتناع عن التصويت ولا يحتسب الصوت ضمن نتائج الفرز إلا إذا اقترن بأحد الخيارين السابقين ، ويرفق المقترع أقترح ورقة اقتراحاته مع استمارة التصويت لتعود النتيجة بعد ذلك للفرز ، فإذا ما تم الموافقة على المادة أجيزت ، وإذا لم تتم الموافقة تعاد المادة للجمعية التأسيس للدستور مرة أخرى مرفق بها مقترحات المقترعون للأخذ بها وتحويلها إلى صياغة دستورية وإعادتها للاستفتاء مرة أخرى .... وهكذا حتى يكون الدستور محل توافق كامل ، وتتخذ هذه اللجنة قراراتها بالتسعة أعشار .
كما يعين الرئيس المؤقت للفترة الانتقالية حكومة مصغرة لإدارة شئون البلاد يخضع وزرائها للضوابط التالية :
1 – حاصل على مؤهل جامعي متخصص في مجال وزارته
2 – مصري الجنسية
3 – صدرت له أبحاث أو دراسات معتمدة من أحد مراكز الابحاث أو الجامعات في الداخل أو الخارج في مجال وزارته
4 – شغل منصب قيادي في أحد المؤسسات الحكومية أو الخاصة
5 – حسن السير والسلوك ، ومشهود له بالكفاءة
6 – مستقل ، ولا ينتمي إلى المؤسسة العسكرية أو الأمنية أو رجال الأعمال
وبالضرورة وجب هنا التنويه إلى أن الرئيس المؤقت للفترة الانتقالية سيكون مسئولاً عن ملفات الأمن والدفاع والسياسة الخارجية ويجب أن يعين نواب له تدير هذه الملفات بدون وزارات ، على أن يكون نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة من المؤسسة العسكرية ، ونائب القائد الأعلى لقوات الأمن من المؤسسة الأمنية ، ونائب الرئيس للشئون الخارجية من الهيئة الدبلوماسية .
يجري الاستفتاء على وثيقة الشرف الشعبية لإنقاذ الثورة المصرية فوراً ، وطرحها على الاستفتاء العام للشعب خلال شهر مايو 2012 ، يكلف بعدها المجلس الأعلى للقضاء باختيار أكبر المواطنين سناً لتولي مهام رئيس مؤقت للفترة الانتقالية خلال شهر يونيو 2012 ، ويسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة للرئيس المؤقت في 30 /6 /2012 ، يتم تعيين الجمعية التأسيسية للدستور خلال شهر من تولي الرئيس المؤقت ، ويطرح الدستور للاستفتاء العام خلال ستة أشهر من تاريخ تأسيس الجمعية ، وتبقى الجمعية منعقدة حتى يتم إجازة كل مواد الدستور على أن تبقى هذه المدة غير محددة ، يكلف الرئيس خلال شهر من توليه رئيس للحكومة على أن تؤدي القسم خلال الشهر التالي ، بعد إجازة الدستور تسقط وثيقة الشرف الشعبية ، ويبقى الرئيس المؤقت لحين إجراء الانتخابات العامة . يبدأ العام الأبيض لممارسة الدعاية السياسية والانتخابية لكافة القوى والتيارات السياسية ، العام التالي للعام الأبيض تجرى الانتخابات العامة مجتمعة لاختيار رئيس منتخب للجمهورية ، ومجلس تشريعي ، وإدارة محلية في اقتراع واحد ، يسلم بعدها الرئيس المؤقت سلطاته إلى الرئيس المنتخب ، وتكون البلاد قد عبرت المحنة الانتقالية بسلام .
بذلك فقط نبني المؤسسات ، ونشيد المشروعات ، ولا ننتظر انتصار ثورتنا لأنها حينها ستكون قد انتصرت فعلاً ، وسوف يخرج علينا من نتائج الانتخابات أكفأ العناصر الوطنية ، والكوادر السياسية ، والعبقريات الاقتصادية ، لأننا سمحنا لأنفسنا أن نسبح في خيال الحقيقة ، ونحقق الخيال ، فلا يصبح المستحيل بالنسبة لنا إلا حقيقة لم ندركها بعد !
وأخيرا اسمحوا لي إن أطرح مقترحاتي لوثيقة الشرف الشعبية لإنقاذ الثورة المصرية ، وفق ما أرى وأعتذر إن أخطأت أو صدمت أحداً ولكن هذه الوثيقة ستكون بمثابة دستور مؤقت مختصر للفترة الانتقالية وهذه بعض بنودها :
1 – مصر دولة كونية ، يحمي شعبها الحق ، وينشر الحرية ، بمسئولية ثورية
2 – تحكم الوثيقة مبادئ خمسة لا تفهم إلا بها ، ولا يسري ما يتناقض معها وهي : نشر الحرية ، وتحقيق العدل ، وتطبيق المساواة ، وحماية التعددية ، وضمان تداول السلطة .
3 – الشعب مصدر السلطات ، والمواطن هو السلطة الأعلى في الدولة .
4 – الفطرة الإنسانية السليمة ، والشرائع السماوية المجيدة ، هما المرجعيتان الرئيسيتان للتشريع .
5 – القوات المسلحة درع الوطن ، وسيف الشعب ، تحميه ، وتصون مصالحه .
6 – الأمن في خدمة الشعب ، ولا يخضع أفراده إلا لسيادة القانون .
7 – السلطة القضائية مستقلة ، تمارس أعمالها بإشراف مجلس قضائها الأعلى ، وفق ما يقرر القضاة .
8 – يكلف المجلس الأعلى للقضاء أكبر المواطنين سناً ، وفق الضوابط والمعايير ، لرئاسة الجمهورية مؤقتاً ، خلال الفترة الانتقالية .
9 – السلطة التشريعية معطلة ، ولا يملك أحد سلطة إصدار القوانين ، إلا فيما ورد في الوثيقة .
10 – المواطن هو السيد ، والغاية ، والوسيلة ، تصان حقوقه ، ولا تقرب حرماته ، طالما يؤدي واجباته ، وذلك كله وفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان ، بالضوابط الأخلاقية للشريعة الإسلامية .
وهكذا نكون قد أنجزنا ( ميثاق الشرف الشعبي) في إطار المبادرة الشعبية لإنقاذ الثورة المصرية ، والتي لا أظن إنه يختلف عليها أحد إلا وكان منحازاً لغير الوطن ! ومختار بجهل غير المحن ؟ !
وأخيراً ، أخيراً أرجوا من الله سبحانه وتعالى أن يلقى اقتراحي هذا صداه في عقولكم ، ويشرح الله به صدوركم ، وترق له قلوبكم ، وتسرعون في تطبيقه ، ولا أسأل إلا الله أن يثيبني على ما اجتهدت ، ويعفوا عني فيما أخطأت .
وأشهد الله من قبل ومن بعد إنني ليس لي أي مصلحة من قريب أو من بعيد فيما اقترحت ، غير فائدة مصر وشعبها الذي أنا ذرة من ثراه ، وأحد أفراده ، أريد عزته ، وتؤلمني كثيراً مهانته .
ولا يتبق لي في الخاتمة إلا أن أتمنى ....
المجد للشهداء
والشفاء للمصابين
والنصر للثوار
والعزة للشعب
تحيى مصر
تحيى مصر
تحيى مصر
تمت