إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 10 يناير 2013

حورس ... قصة قصيرة


حورس
قصة قصيرة                                     بقلم : فيلسوف القصة
حورس ولد مسكين ، اعتاد أن يستكين ، صادقه الجوع دوماً ، وغزل له الفقر ثوباً ، وجهز له الذل فراش حقير .
يؤيه قلب جسر غليظ ، ويفتك به حلم مستحيل ، أن يرى العدل رجلاً ، يشهر سيفه في وجه الطواغيت .
حورس كفر برب السماء ، وليس له على الأرض ربيب ، فكان يقول دوماً ، أريد إله قدير ؟! يلبس الحق درعاً ، فيستحيل على الظالمين ، أما الربيب في الأرض علقة ، ألقاها يوماً وعليه لم يجيب .
حورس استيقظ يوماً وتدغدغ مسامعه صيحات الملايين ، فهرع من جوف الجسر يسعى فرأى مشهد رهيب ، ملايين الأعناق تشمخ ، وللسماء تطيل ، وألسنة القوم تهتف :
- عيش حرية عدالة اجتماعية .
فراحت روحه تقفز ، وراح يصيح :
- الحلم لم يعد مستحيل !!
وغدا حورس يهتف ، كأنه ولد زعيم ، فحمل على الأعناق حباً وكرامة ، وعشق ثوار العدالة ، حتى رشق في الميدان سهماً مصيب ، تهتز من زئيره بنيان خاوية ، وتصدح في عشقه طيور غادية حتى يرضى .
حورس أصبح ثائراً مع الثائرين ، يشهق هوائهم ، ويزفر غضبهم ، ويتفصد جسده بعرق له رحيق ، تمسك يداه بحلم قريب ، وقد أوشكت أن تلد العقيم ! ثمانية عشرة يوماً ، لم يره الجوع نهماً ، بالرغم من طعامه القليل ، كان يكفيه نصف رغيف ، أو ربع رغيف طالما هذا القسم يسري على الثري قبل الفقير ، وامتلأ بالأمن قلبه بالرغم من انكسار الحارس الغير أمين .
حورس هتف بالنصر لحظة ، وسط الملايين ، حتى شعر باحترار رهيب ، تلاه وميض ، حرره من سجن جسده الصغير ، فرأى ألف ألف ملك ، تحيط بموكب مهيب ، وألف مليون شهيد ، يتقدمون لتهنئة هذا الوليد ، فأدرك حورس كم أن ربه كريم عظيم !
حورس آلمه أن يرى جسده يسحل على الطريق ، فصاح بقوة يقول :
- يا بن وطن ما يضير الشاة بعد ذبحها ! ألا يكرم الوليد ؟!
فلمعت عيناه بدمع ، شق نهر عظيم ، ولكن في مكان ليس بقريب ، وصادقه نحيب ، وراء نحيب وهو ينشد من بعيد :
- أيها الثائرون ... الحلم ضاع أم ضاع الحالمين !
حورس عن الميدان يوماً لم يغيب ، ولكنه لم يجب الثائرين ، يحوم في حوصلة طير أخضر عملاق كبير ، يراه الناظرون برهة ، فيظنون إنها طائرة تحلق من بعيد ، وبقى الثائرون في غفلة حتى أوشك الحلم أن يضيع !!
حورس قاد مظاهرة ، ومن خلفه ألف ألف وليد ، في حواصل الطيور الخضر ، وتحفهم ملائكة من نور مهيب ، رآهم كل من يرى ، وهم يحلقون صوب الشمس ، وينشدون في همس :
- ضاع الحلم ... أم ضاع الحالمين ؟؟!!
انتهى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق